الادارة

التمكين Empowerment

تعنى كلمة التمكين لغة التقوية او التعزيز ولقد وردت كلمة التمكين في القران العظيم بقوله تعالى: ” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” النور/55

يعني التمكين في علم الادارة دعم البني التحتية في المنظمة، وذلك بتقديم المصادر الفنية وتعزيز الاستقلالية والمسؤولية الذاتية والتركيز على العاملين، ومنحهم القوة والمعلومات والمكافآت والمعرفة وحمايتهم في حالات السلوك الطارئ وغير المتوقع خلال خدمة المستهلك، والتركيز على العاملين الذين يتعاملون مع المستهلك ويتفاعلون معه .

ويعرف التمكين بأنه نقل طوعي لملكية الأعمال أو الحالات والظروف إلى مجموعة أو أفراد لديهم القدرة على التعامل مع الحالة المناسبة في محيط ممكن، ويمتلكون السلطة والمسؤولية والمهارة والقدرة والفهم لمتطلبات العمل، والدافعية والالتزام والثقة، والإدارة الصادقة في محيط لا يمنع العمل المناسب والإتاحة الكافية لهم لإطلاق إبداعاتهم وطاقاتهم.

كما يمكن أن يكون التمكين من خلال عملية الاختيار والتدريب المطلوبة لتزويد العاملين بالمهارات اللازمة والثقافة لتعزيز حق تقرير المصير والتعاون والتنسيق بدلاً من التنافس، وفي منظمات جودة الخدمة يمكن استيعابها إجرائياً بتشجيع العاملين على الاستجابة للمشكلات المتعلقة بالجودة وتزويدهم بالمصادر وتفويض السلطات لهم.

 

أولا :الاستقطاب

تأتي عملية استقطاب الموارد والكفايات البشرية المؤهلة للانخراط في سلكالوظيفة والاستمرار فيها، بعد عملية تخطيط الموارد البشرية، وتتضمن عملية الاستقطابالتوعية بوجود وظائف شاغرة عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، وتشجيع المؤهلين لشغلهذه الوظائف عن طريق تقديم طلبات التوظيف، وذلك عقب الإعلان عن الوظائف الشاغرةوشروط الالتحاق بها ومواعيد امتحاناتها .

ثانيا: الاختيار

بعد أن يتم الاستقطاب على الوجه الأكمل، المفروض أن يتقدم للمنظمة عددكاف من المؤهلين الذين يمكن أن نختار من بينهم من سوف يشغل الوظيفة الشاغرة فعلاًوالاختيار يتم وفق ما يسمى مبدأ الجدارة.

ويعتمد مبدأ الجدارة علىحقيقتين رئيستين:

  • أن الوظيفة ثابتة والموظف يتغير، وبالتالي فلا بد أن نبدأبتحليل الوظائف وتحديد مواصفات ومؤهلات من يشغلها.
  • أن يتقدم عدد كبير منالأفراد تتوفر فيهم الشروط المبدئية وتعقد بينهم المسابقة أو الاختيار، ويتمالاختيار بناء على النتائج فقط [دون تدخل للاعتبارات الشخصية] وبذلك يتم اختيارالأفضل لشغل الوظيفة.

ثالثا: التعيين

تقوم إدارة شؤون الأفرادبتنفيذ معظم خطوات الاختبار ويشترك مديرو الإدارات في عملية الاختبار، أما سلطةالتعيين فتكمن عادة في جهة مركزية، وبالنسبة للتعيين في الوظائف العليا القياديةفيختص مجلس الإدارة بسلطة التعيين فيها.

رابعاً: المقابلات الشخصية

قد تعتمد بعض إدارات شؤون الأفراد على المقابلات الشخصية عند اختيار أو تعيين الموظفين بالاضافة إلى الاختبارات المعتادة.

 

أسس إدارة الموارد البشرية (إدارة الأفراد) في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة:

 

أولاً: قصة موسى عليه السلام مع الراعيتين:

قال تعالى:” قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ” القصص/26

” قالت إحداهما ” وهي المرسلة الكبرى أو الصغرى ” يا أبت استأجره ” اتخذه أجيراً يرعى غنمنا بدلنا، ” إن خير من استأجرت القوي الأمين ” أي أستأجره لقوته وأمانته. تقول: إن خير من تستأجره للرعي القوي على حفظ ماشيتك والقيام عليها في اصلاحها وصلاحها، الأمين الذي لا تخاف خيانته، فيما تأمنه عليه. وقيل: إنها لما قالت ذلك لأبيها، استنكر أبوها ذلك من وصفها إياه فقال لها: وما علمك بذلك؟ فقالت: أما قوته فما رأيت من علاجه ما عالج عند السقي على البئر، وأما الأمانة فما رأيت من غض البصر عني. وقيل أنها قالت: أما قوته، فما رأيت منه حين سقى لنا، لم أر رجلاً قط أقوى في ذلك السقي منه، وأما أمانته، فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له، فلما علم أني إمرأة صوب رأسه فلم يرفعه، ولم ينظر إلي حتى بلغته رسالتك، ثم قال: إمشي خلفي وانعتي لي الطريق، ولم يفعل ذلك إلا وهو أمين، فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي قالت.

وفي هذه القصة تتجلى لنا الأسس العامة لمفهومي الاختيار حسبالجدارة، والتعيين بناء على المؤهلات المناسبة للعمل. و يعرف مصطلح الجدارة بـ Competencyوهي تعني السمة الكامنة لدى الفرد والتي تؤدي إلى الأداء الفعال أو المتميز، حيث وقع الاختيار على تعيين موسى عليه السلام بناء على جدارته ومؤهلاته الخاصة التي تناسب العمل وهو رعي الغنم ، فكانت مؤهلاته هي القوة الجسدية التي برزت أثناء سقيه على البئر، وأمانته وغضه لبصره أثناء حديثه مع الفتاة ومشيه أمامها تجنباً لرؤيتها.

ثانياً: قصة يوسف عليه السلام مع الملك:

قال عز وجل: ” وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ” يوسف/54

يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره أن الله تعالى قال إخباراً عن الملك حين تحقق براءة يوسف عليه السلام ونزاهة عرضه مما نسب إليه قال ” آئتوني به استخلصه لنفسي” أي اجعله من خاصتي وأهل مشورتي ” فلما كلمه” أي خاطبه الملك وعرف ورأى فضله وبراعته وعلم ما هو عليه من خلق وخلق وكمال قال له الملك ” إنك اليوم لدينا مكين أمين” أي إنك عندنا قد بقيت ذا مكانة وأمانة. وفي تفسير الطبري مكين أي متمكن مما أردت لرفعة مكانتك ومنزلتك لدينا، أمين على ما اؤتمنت عليه من شيء. أو مكين أي متمكن نافذ القول، أمين لا تخاف غدراً كما ورد في تفسير القرطبي.

قال تعالى: ” قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ” يوسف/55

فقال يوسف عليه السلام للملك ” اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم” بوجوه تصرفاتها، وقيل حافظ للحساب، عليم بالألسن. أو حفيظ أي خازن أمين، عليم ذو علم وبصيرة بما يتولاه. وقيل ذو حفظ وعلم بأمرها، وكاتب حاسب.

” وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” يوسف/56

” وكذلك” كإنعامنا عليه بالخلاص من السجن “مكنا ليوسف في الأرض” أرض مصر “يتبوأ” ينزل “منها حيث يشاء” بعد الضيق والحبس، وفي القصة أن الملك توجه وختمة وولاه مكان العزيز.

من خلال القصة السابقة ليوسف عليه السلام نستشف مفاهيم أساسية لإدارة الأفراد حيث يظهر جلياً وبدون لبس أو غموض مفهوم الاستقطاب عبر استقطاب الملك ليوسف بعد تأكده من علمه وأخلاقه فقال ” آئتوني به استخلصه لنفسي” كما تظهر أهمية المقابلة الشخصية للمرشح للعمل ” فلما كلمه” أي خاطبه الملك وقابله مباشرة وعرف ورأى فضله وبراعته ” قال إنك اليوم لدينا مكين أمين” متمكن نافذ القول، أمين لا تخاف غدراً. وتختتم القصة عند قيام الملك بتعيين يوسف بناء على ما أبداه من علم وحكمة وبراعة ويقال أنه ولاه مكان العزيز وجعله مسؤولاً عن خزائن مصر.وهنا يظهر مفهومي التعيين والتمكين.

ولأهمية مفهوم التمكين نلاحظ أن هذه اللفظة وردت في أكثر من آية من آيات القرآن الكريم، ورغم اختلاف مواضع استخدامها إلا أنها تعطي نفس المعنى على الاجمال. فجاءت الآيات الكريمة التي ورد بها التمكين بمعنى الاستخلاف في الأرض تارة، والانعام على البشر بتسهيل الحياة فيها وتوفير أسباب المعيشة تارة أخرى، وهذه المعاني لا تخالف مفهوم التمكين بالمجال الاداري الذي نقصده.

ثالثاً:الحكم والامارة (شروطها ومعاييرها) في الهدي النبوي

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم ، جاءه أعرابي فقال : متى الساعة ؟ . فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ، فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال . وقال بعضهم : بل لم يسمع . حتى إذ قضى حديثه قال : أين – أراه – السائل عن الساعة . قال : ها أنا يا رسول الله ، قال : فإذا ضيعتالأمانة فانتظر الساعة . قال : كيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة” . صحيح البخاري / الجامع الصحيح 59

وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:” يا عبدالرحمن ! لا تسأل الإمارة . فإنك إن أعطيتها ، عن مسألة ، أكلت إليها . وإن أعطيتها ، عن غير مسألة ، أعنت عليها ” رواه مسلم / المسند الصحيح 1652

وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت : يا رسول الله ! ألا تستعملني ؟ قال : فضرب بيده على منكبي . ثم قال: ” يا أبا ذر ! إنك ضعيف . وإنها أمانة . وإنها يوم القيامة ، خزي وندامة . إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها “. رواه مسلم / المسند الصحيح 1825

من خلال الأحاديث النبوية الشريفة السابقة نستشعر عظم المسئولية التي يحملها على عاتقه الأمير (أو المسئول ومن أستعمل لعمل معين)، فهو يحمل على عاتقه أمانة كبيرة تتمثل في القيام بعمله على أكمل وجه فكيف به إن كان أميراً على قوم فحري به العمل وفق أمانة شديدة حرصاً على الصالح العام وأداءً للأمانة التي عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى