الجودة

الجودة و العنصر البشرى

قوم الجودة بالأساس على منع الخطأ و الهدف الرئيسى هو زيادة الرضا لمتلقى المنتج من حيث إرتفاع فى قيمة الخصائص الأساسية وهو ما نعرفه بجودة المنتج و السؤال الأن من هو المسئول عن رفع قيمة خصائص المنتج ؟ الإجاية البديهية لهذا السؤال هو أن العنصر البشرى المسئول و السؤال التالى كيف يكون المسئول وعلى ماذا يسأل ؟ و الإجابة البديهية الثانية يكون المسئول لأنه من يضع التصميم ومن يحدد المادة الخام ومن يطلب شرائها ومن يخزنها ويناولها بعد ذلك للأقسام الإنتاجية ومن يقوم بمراقبة الجودة على أجزاء المنتجات ومنتجها النهائى أما على ماذا يسأل فهو يسأل عن كيفية إدارة كل هذه العمليات بطريقة ناجحة تساعد على الدوام فى منع الإخطاء فى كل عملية من عمليات إدارة المنتج ……….

إذا كانت الإجابة كذلك فأنه من الواضح أن العنصر الرئيسى فى كل أعمال الجودة هو الإنسان فهو من يخطط ومن يصمم ومن يصنع ومن يراقب وبالتالى لنجاح أى منظومة لإدارة الجودة فيجب أن تركز على هذا العنصر و بالنظر الفاحص لكل أنظمة الجودة حاليا ربما نجد شبه إهتمام بهذا الجانب لكنه ليسه الأهتمام الكامل و الواضح ……

وقد دعانى هذا الى محاولة التدقيق فى نظم إدارة الجودة الموجودة حاليا ومنها نظام التميز الأوروبى EFQMو إدارة الجودة الشاملة TQMونظام إدارة الجودة ISO 9001وغيرها من النظم الإدارية الإخرى وفى جميعها وجدت فعلا إهتمام بالعنصر البشرى ولكن للإنصاف هو إهتمام ليس بالكبير …..

وهنا أطرح سؤال آخر لم هذا الأهتمام ليس كبيرا ؟ الإجابة البديهية الثالثة تأتى من محاولة أن نفهم فكر من وضع هذه الأنظمة و الى من هم ينتمون ! وما هى طبيعة العنصر البشرى لديهم ؟ كل هذه النظم تقريبا أتت لنا من ثقافة غربية تربى فيها العنصر البشرى على الكثير من الإلتزام فى العمل بل يصل الى حد تقديس العمل فى بعض الدول ومثال لذلك اليابان وبدون خوض فى تفاصيل , فى هذه البلدان يربى النشئ على الإخلاص فى العمل و الدقة فيه ويتبعون نظما تكاد تكون صارمة فى مناحى حياتهم, فى البيت , فى المدرسة , فى الشارع , فى العمل ….

إذا تكملة الإجابة تكون أن من وضع هذه النظم لديه قاعدة أساسية من الثقافة ومن الفكر ومن الإلتزام بدء يبنى عليها نظمه الإدارية ومن هنا فهو يبدء فى البناء من نقطة النظام الإدارى ويعطى بعض التنظميات الأساسية لإدارة العنصر البشرى فى نظمنا الإدارية كشئ من التنظيم وليس كموضوع للتغير فى ثقافة وفكر العاملين و المطبقين لهذه النظم …. لذلك لاقت هذه النظم الإدارية نجاحا كبيرا وتصنع الكثير من الفارق عند تطبيقها فى بلدانهم ولكن و بالتوازى مع هذه الرؤية نجد النجاح لهذه النظم لدينا ليس بالكبير ولا تصنع الفارق المرجو منها فى إدارة المنظمات لدينا …….

وهنا إجابة لسؤال ليس مطلوبا طرحه لوضوح إجابته وهو أن العنصر البشرى لدينا وفى بلداننا العربية أصابه التأخر وإرتكنت ثقافة وفكر الجودة عنده الى أمور أخرى قد يكون منها سعيه الشديد الى توفير ما يسد رمقه ورمق من يعولهم وأنه بالأصل نشأ فى ظل عادات وتقاليد بالبيت و المدرسة و الجامعة و العمل قد لا تراعى الدقة و الجودة فى الأداء و العمل ولا تشجع على العمل الجماعى و لا تعطيه القدرة على التفكير الإبداعى و التحرر من الخوف من الأب فى البيت و الناظر و المدرس بالمدرسة و المدير المسئول بالعمل بل الخوف من نظام سياسى قد يكون قمعيا وفيه فساد ولا يسمح فيه الا للفاسدين ليتولوا أمور الإدارة …..

حقيقة الأمر إخوانى محبى الجودة أن مشكلتنا مع الجودة هى مشكلتنا الأساسية فى أوطاننا وشعوبنا وهى تقزيمنا من قيمة وأهمية العنصر البشرى و غياب الرؤى الواضحة لكيفية نهوضنا به و قبل أن نضع رؤى وخطط للنهوض بالجودة فى بلداننا فإن الواجب علينا هو أن نعدل من مسارنا ونضع على رأس أولوياتنا نظما لجودة العنصر البشرى لدينا ….

بل إذا كنا نسعى حقا لتطبيق نظم إدارية تحقق نجاحا فربما علينا أن نسعى الى بناء نظم إدارية للجودة تكون مبنية برؤية عربية والا تكون مأخوذة من نظم وثقافات غربية هى لديها أساس تبنى عليه ليس موجودا لدينا …..

وهذه هى دعوتى الى كل المفكرين و الباحثين العرب و الذين يعملون فى حقل الجودة عليكم أن تجدو لنا حلا ……

بل نظاما عربيا لتطبيق الجودة فى أوطاننا يبدء بقليل قبل كل النظام الإدارية التى نعمل عليها حاليا ….

فإذا كانت الجودة مسئولية الجميع … فكيف نحمل هذه المسئولية على عاتق من لا يعرفونها أصلا ومن لم يعيشيون حالتها …

ليس بجهل منهم ولا تعمد ولكن يسأل عن ذلك من تولى فى بلادنا أمورنا وترك ثقافة الإلتزام و الجد وحل محلها ثقافة الإستهتار و الفساد و الواسطة و المحسوبية و المجاملة حتى صرنا نعلمها كلها لأولادنا صباحا مساءا ….

السؤال الأخير من هو أغلى من فى هذا الوجود ومن يأتى بالجودة ومن يستهدف بالجودة ومن؟ ……

ومن ؟ أنه الأنسان أنه العنصر البشرى ولا نجاح لنظام ولا لجودة ولا لتميز بدونه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى