عادة ما تبرز في إطار الحديث عن سياسة القمع والتمييز العنصري صور لسياسات عنصرية تمارسها الأكثرية بحق الأقلية المضطهدة، ولكن في الحالة السورية تبدو الصورة معكوسة فالأقلية هي التي تحكم وتقمع وتضطهد الأكثرية منذ أكثر من أربعة عقود.
وتتجلى هذه الصورة العنصرية بشكل واضح في تركيبة الجيش السوري الذي تحول منذ وصول الأسد الأب إلى السلطة بانقلاب عسكري عام 1970 إلى مجرد فصيل طائفي يعبث بمقدرات البلاد ويبطش بأهلها على نحو لم تمارسه أعتى الأنظمة الديكتاتورية.
فمنذ بداية الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011 استخدم النظام السوري الطائفية بوصفها إستراتيجية للدفاع عن وجوده وبقائه في السلطة، وذلك من خلال تسويق ادعاء بأن قوى المعارضة تسعى إلى إقامة دولة سنيّة لا مكان فيها للأقلية العلوية، وهذا ما انعكس في حجم العنف الذي مارسه ضباط من الطائفة العلوية في قمع التظاهرات الشعبية بداية الاحتجاجات.
قمع
ولم تقتصر صور التمييز العنصري في الجيش السوري على قمع المدنيين السنة وإسقاط البراميل المتفجرة فوق رؤوسهم، بل شملت أيضا ضباطا وعناصر في الجيش من أبناء الطائفة السنيّة، إذ إن عددا من هؤلاء الضباط والعناصر لقوا حتفهم على خطوط النار التي عادة ما تخلو من الضباط العلويين الذين لا توكل لهم سوى المهام القيادية والمراتب العليا التي تنأى بهم عن الوقوع ضحايا للأسر أو الموت.
محمد سالم أحد ضحايا التمييز العنصري في صفوف الجيش السوري، ولجأ إلى السويد هربا من الموت الذي كان يحدق به على خط المواجهة أثناء الخدمة العسكرية التي أجبر عليها هو ومجموعة من أقربائه وأصدقائه.
يتحدث محمد عن التمييز العنصري الذي يمارسه النظام ضد أفراد الجيش الذين لا ينتمون للطائفة العلوية، وكيف يلقون بهم على خطوط النار، وكيف أنهم لا يقيمون لحياتهم وأرواحهم وزنا ولا قيمة.