التخطيط الاستراتيجي بين التبسيط والتعقيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التخطيط الاستراتيجي بين التبسيط والتعقيد

    اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاسم: 183682-637412261047587305-16x9.jpg
الحجم: 305.7 كيلوبايت
رقم التعريف: 226236



    قد تبذل جهدا كبيرا في وضع خطط استراتيجية ثم لا تستطيع إقناع العاملين باتباعها فتكون كمن لا استراتيجية له. قد تُمضي وقتا طويلا لكي تلتزم حرفيا بتلك المصطلحات، وعندما تتخذ أي قرار فإن الرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية لا تحكمك.

    وعلى الجانب الآخر فإن هناك أناسا لم يكن لهم حظ وافر في التعليم وهم يديرون عملهم بنجاح، ولو حاولت أن تتأمل في تصرفاتهم لوجدت أنها تتوافق مع التخطيط الاستراتيجي تماما. كيف ذلك وهم لم يكتبوا الرؤية أو الرسالة أو الأهداف الاستراتيجية…؟ كيف وهم لم يقوموا بتحاليل بورتر؟ من اين أتى هؤلاء بتلك المهارة.

    إننا قد ننشغل بآليات التحليل الاستراتيجي حتى ننسى الهدف الأساسي منها، وهناك تاجر بالفطرة يَعِي بتلقائية جوهر التخطيط الاستراتيجي. فالتخطيط الاستراتجي ليس مجرد مستندات نكتبها، أو شعارات نرفعها، وليس أمرا معقدا، أو علما خاصا بحملة الماجستير. التخطيط الاستراتيجي هو أمر بسيط يعرفه المتعلم وغير المتعلم، يعرفه الصغير والكبير، وهو ليس خاصا فقط بالمؤسسات أو بكبار المديرين.

    التخطيط الاستراتيجي يهدف إلى أن تحدد المؤسسة وجهتها وأسلوبها في التنافس وما تريد أن تصل إليه. سمِّ ذلك رؤية أو استراتيجية أو اهدافا أو غايات أو مهمة أو إطار أو وجهة….سمِّ ذلك ما شئت فإن هذا لا يُهِمُّني، ولكن المهم أن تحدد لمؤسسة اتجاها تتحرك فيه وأسلوبا للتحرك. ولذلك فإن بعض التجار الذين لم يدرسوا إدارة أعمال يطبقون التخطيط الاستراتيجي دون أن يعرفوا اسمه. هذا هو جوهر التخطيط الاستراتيجي.

    قد تجد تاجرا يعمل في مجال بيع ملابس الأطفال للطبقة الكادحة، ويريد أن يكون هو أفضل بائع لتلك الملابس لتلك الفئة في مدينته، وهذه الأفكار تحكم تصرفاته وهو البائعين العاملين معه. هذا التاجر لديه مهمة ورسالة وأهدافا استراتيجية وإن لم يعلم كل تلك المسميات، بل وهو يطبقها بل ويطبقها العاملون معه. لو قلتَ لهذا التاجر إن تاجر ملابس أطفال حقق أرباحا كبيرة من بيع نوع فاخر من ملابس الأطفال ونصحته أن يحذو حذوه لما استجاب لك، ولقال لك إن هذا ليس مجاله في العمل ولا هؤلاء المشترون الأثرياء هدفه. لو قلت له إن تجارة اللحوم رائجة لما التفت إليك. لو تأملت في أسلوب العاملين لديه لوجدته يناسب تلك الفئة الكادحة، ولوجدتهم دائما يسعون لتقليل التكلفة لكي يستطيعوا أن يقدموا الملابس بأقل الأسعار. هذا تاجر يطبق التخطيط الاستراتيجي.

    وفي المقابل قد تجد مديرا لمؤسسة كبرى يضع خططا استراتيجية ثم مع أول فرصة خارج نطاق هذه الاستراتيجية فإنه يجري وراءها. وهناك نوع آخر تجده يتبع الاستراتيجية أحيانا بصرامة، وفي أوقات أخرى تجده يخرج عنها بكل وضوح. وهناك مدير يضع خطة استراتيجية عظيمة ويلتزم بها، ولكنه لا يستطيع توصيلها للعاملين لديه فتجدهم يتخذون قرارات مخالفة لها. ما فائدة التعب لوضع خطة استراتيجية وتوزيعها وتحديثها إذا كنا لن نلتزم بها؟

    التخطيط الاستراتيجي بكل مصطلحاته وآلياته الكثيرة يهدف إلى أن نعرف أين نحن وأين نريد أن نكون غدا وبالتالي نتصرف كلنا من هذا المنطلق. كما لو كنا أسرة صغيرة نقيم في بلد غريب، فمن المهم أن يعرف كل أفراد الأسرة إن كانوا سيقيمون إقامة دائمة في تلك البلد، أم أنهم سيقيمون ستة أشهر فقط، وأن تكون تصرفاتهم متوافقة مع مدة الإقامة. فلو كانت الإقامة دائمة فإنهم جميعا يحاولون تقوية علاقاتهم الاجتماعية في البلد الجديد، وسيحاولون التأقلم قدر الإمكان، وسيحاولون فهم القوانين وأحوال البلد. وأما إن كانت الإقامة قصيرة فإنهم سيهتمون أكثر بالحفاظ على كل ما لديهم في بلدهم الأصلي من ممتلكات، وعلاقات اجتماعية، وعلاقت توظيف أو دراسة، ولن يهتموا كثيرا ببناء علاقات في بلدهم المؤقت، ولا بالتأقلم معه.

    عادة ما يُعرض التخطيط الاستراتيجي على أنه خاص بالمؤسسات الكبرى وبالإدارة العليا في تلك المؤسسات. وأظن أن هذا مشابه لفكرة أن التسويق هو أمر خاص بالعاملين بالتسويق. وقد عملتُ سنواتٍ وسنواتٍ بعيدا عن مجال التسويق ولكنني استخدمته كثيرا، وعملت بعيدا عن مجال التخطيط الاستراتيجي ولكنني استخدمته كثيرا. فالتسويق في جوهره يعني تحديد العميل ثم البحث عن احتياجات العميل الحقيقية ومحاولة تلبيتها، وهذا قد تحتاجه سواء كنت تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات أو التدريب أو تخطيط الإنتاج أو……

    أما التخطيط الاستراتيجي فإن الطفل يحتاجه، والشاب يحتاجه، والمرأة تحتاجه، والشيخ يحتاجه، والمدير الصغير. الشاب -وربما الطفل كذلك – يحتاجه لكي يتخذ قرار أن يلعب أم يذاكر، أن يذهب لتمرين النادي أم لا، أن يقرأ هذا الكتاب أم ذاك، وكل ذلك ينبع من تقديره لدوره الحالي والمستقبلي ولطموحاته. فالشاب الذي يرسم لنفسه أن يكون بطلا أوليمبيا، قد يُضحي بتفوقه الدراسي في مقابل الالتزام بالتمارين مع الفريق في أي مكان، والشاب الذي يريد أن يكون عالما قد يذهب للتمرين مرتين في الأسبوع بما لا يتعارض مع دراسته، وهذا سيقرأ كتبا تختلف عن التي يقرؤها الآخر، وهذا يوصلهم لغايتهم. أما الشاب الذي يلتزم بالتمرين مع الفريق كثيرا، ولكنه قد يقرر أحيانا ان يتفوق، ولو قال له صديقه دعنا نتعلم لغة أخرى لاستجاب، ثم ياتيه آخر فيقول له دعنا نتعلم الخط فيستجيب، ثم يأتيه آخر فيقول دعنا نقضي الوقت على المقهى فيستجيب، هذا لن يصل لا إلى تفوق رياضي ولا علمي ولا اجتماعي.

    المرأة تحتاج أن تحدد وجهتها وأسلوبها في الوصول إليها، فلو قررت العمل فهي تحاول أن تنجح فيه وتحاول رعاية أسرتها كذلك، ولا تحاول أن تفعل كل ماتفعله السيدة التي لا تعمل وإلا فشلت في العمل، ولا تحاول أن تنافس الرجل غير المتزوج الذي يقضي يومه صباحا ومساء في العمل. والمرأة التي قررت ألا تعمل عليها ألا تقارن نفسها بما وصلت إليه من تعمل، ولا أن تحذو حذوها في تصرفاتها…..وهكذا.

    والشيخ الكبير عليه أن يدرس قدراته التنافسية التي قد تكون متمثلة في خبرات كبيرة، وصحة ضعيفة، فيحاول تحديد الدور الذي يناسبه، ولا يحاول أن ينافس الشباب، أو أن يأخذ دورا لا يناسبه.

    والمدير الصغير يحتاج أن يعرف أين تريد مؤسسته أن تذهب وكيف تريد أن تنافس، وما هو دور المكان الصغير الذي يديره في إيصال المؤسسة لما تريد، فتكون قراراته كها مُتسِّقة مع هذا الاتجاه وبالكيفية المطلوبة. فهو لا يجري وراء أي جديد، ولا يتخذ قراراته بمعزل عن الاتجاه العام للمؤسسة.

    التخطيط الاستراتيجي تعني أن تكون أفعالك وقراراتك تصب في اتجاه محدد، فقد تقوم بأفعال كثيرة ولكنك تعرف أنها كلها ستفيدك في اتجاهك الأساسي، وقد تبتعد عن أمور مفيدة لأنها لا تصب في هذا الاتجاه. بهذا المفهوم فإن التخطيط الاستراتيجي هو أمر ليس خاصا بكبار المديرين ولا بالعاملين في هذا المجال بل هو أمر يحتاجه كل الناس بشكله البسيط.

    هل معنى هذا أن آليات التخطيط الاستراتيجي لا معنى لها، أن المسميات المختلفة لا داعي لها؟ كما ذكرت التخطيط الاستراتيجي هو في جوهره بسيط، ولكنك عندما تطبقه على مؤسسة كبيرة فستحتاج لوسائل لتحديد اتجاهك ولتوصيل أفكارك للعاملين وهنا تحتاج تلك الآليات والأسماء. ولكن لو حدد مدير خطته الاستراتيجية وسماها اتجاه المؤسسة، ثم وضع أهدافا استراتيجية وسماها طموحات أو أهداف قصوى لما قلتُ له إن هذه التسمية خطأ. المهم هو جوهر التخطيط الاستراتيجي.



    **** مواضيع اخرى عن التخطيط الاستراتيجي
    خطوات التخطيط الاستراتيجي بالتفصيل
    Strategic Planning التخطيط الاستراتيجي
    شرح التخطيط الاستراتيجي خطوة خطوة مع الأمثلة
    ملخص عن التحليل الاستراتيجي
    التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية في الجامعات
    التخطيط الاستراتيجي لقطاع المواصلات
    التخطيط الاستراتيجي للضواحي السكنية
    التخطيط الاستراتيجي والتخطيط التشغيلي

المواضيع ذات الصلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة HaMooooDi, 03-31-2024, 02:15 AM
ردود 0
5 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة HaMooooDi
بواسطة HaMooooDi
 
أنشئ بواسطة HaMooooDi, 03-17-2024, 09:51 PM
ردود 0
20 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة HaMooooDi
بواسطة HaMooooDi
 
أنشئ بواسطة HaMooooDi, 03-16-2024, 05:22 PM
استجابة 1
22 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة HaMooooDi
بواسطة HaMooooDi
 
أنشئ بواسطة HaMooooDi, 03-11-2024, 01:49 PM
استجابة 1
21 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة HaMooooDi
بواسطة HaMooooDi
 
أنشئ بواسطة HaMooooDi, 01-28-2024, 02:35 AM
ردود 0
11 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة HaMooooDi
بواسطة HaMooooDi
 
يعمل...
X